تفريغ مقطع : يَا قُدْسُ يَا حُبِّي الْكَبِيرُ!

((يَا قُدْسُ يَا حُبِّي الْكَبِيرُ!))

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَفِي ذِكْرَى النَّكْبَةِ السَّبْعِينَ -فِي ذِكْرَى نَكْبَةِ فِلَسْطِينَ، وَإِعْلَانِ فِلَسْطِينَ وَطَنًا قَوْمِيًّا لِشُذَّاذِ الْآفَاقِ، وَشَرَاذِمِ وَعِصَابَاتِ يَهُودٍ- فِي ذِكْرَى النَّكْبَةِ السَّبْعِينَ: أَعْلَنَ الرَّئِيسُ الْأَمْرِيكِيُّ بِأَنَّ الْقُدْسَ عَاصِمَةٌ أَبَدِيَّةٌ لِإِسْرْائِيلَ، وَأَعْلَنَ نَقْلَ سَفَارَةِ أَمِرِيكَا إِلَى الْقُدْسِ!!

وَرُدُودُ الْأَفْعَالِ عَلَى هَذَا الْإِعْلَانِ كَانَتْ هَزِيلَةً، وَمُشَجِّعَةً لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُنَفِّذَ مَا تَمَّ الْإِعْلَانُ عَنْهُ، وَقَدْ كَانَ؛ فَفِي حَفْلٍ مَهِيبٍ تَمَّ تَدْشِينُ -بَلْ وَفَتْحُ- السِّفَارَةِ الْأَمْرِيكِيَّةِ فِي مَدِينَةِ الْقُدْسِ.

وَأَوْفَدَ الرَّئِيسُ الْأَمْرِيكِيُّ ابْنَتَهُ الْيَهُودِيَّةَ الَّتِي تَهَوَّدَتْ مَعَ زَوْجِهَا الصُّهْيُونِيِّ الْمُتَعَصِّبِ؛ لِيَشْهَدَا -مَعَ جُمْلَةٍ وَفِيرَةٍ مِنْ كِبَارِ الشَّخْصِيَّاتِ وَأَرْبَابِ الْمَنَاصِبِ- لِيَشْهَدُوا حَفْلَ الِافْتِتَاحِ!!

وَشَارَكَ هُوَ عَبْرَ الْأَقْمَارِ الِاصْطِنَاعِيَّةِ، وَشَكَرَهُ رَئِيسُ وُزَرَاءِ الدَّوْلَةِ الْعِبْرِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ صَنَعَ التَّارِيخَ، يَعْنِي: بِمَا تَمَّ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ مِمَّا أَحْجَمَ عَنْهُ سَابِقُوهُ طِيلَةَ سَبْعِينَ عَامًا، فَاجْتَرَأَ هُوَ عَلَيْهِ؛ لِمَاذَا؟!!

لِلشَّتَاتِ!!

فَمَاذَا كَانَ؟!!

وَمَا هِيَ رُدُودُ الْأَفْعَالِ؟!!

لَا شَيْءَ!!

بَلْ إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَدْرُونَ أَصْلًا بِمَا كَانَ، وَبِمَا وَقَعَ، كَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ!!

وَمَنْ عَلِمُوا ذَلِكَ لَمْ يَقِفُوا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَ مَغْزَاهُ، وَلَيْسَ لِلْقُدْسِ وَلَا لِلْقَضِيَّةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ أَثَرٍ وَلَا عَيْنٍ!!

قَولُوا لِي بِرَبِّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْتُمْ أَكْثَرَ مِنْ مِلْيَارِ مُسْلِمٍ فِي الْعَالَمِ كُلِّهِ، يَتَحَدَّاكُمْ هَذَا الْعِلْجَ بِهَذَا الَّذِي صَنَعَ؛ فَمَاذَا صَنَعْتُمْ؟!!

قَولُوا لِي بِرَبِّكُمْ! مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ لَوْ هُدِمَ الْأَقْصَى الْآنَ، وَشُرِعَ فِي بِنَاءِ الْهَيْكَلِ الثَّالِثِ عَلَى أَنْقَاضِهِ؟!! مَاذَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ؟!!

لَنْ تَصْنَعُوا شَيْئًا!!

الْقَضِيَّةُ مَيِّتَةٌ فِي وِجْدَانِ الْمُسْلِمِينَ؛ حَتَّى إِنَّ مَنْ تَكَلَّمَ، وَمَنِ اسْتَنْكَرَ، وَمَنْ عَلَّمَ، وَمَنْ نَبَّهَ، وَمَنْ وَضَّحَ؛ يُقَالُ لَهُ تَخْذِيلًا: هَلْ هَذَا الَّذِي تَقُولُونَ مِنْ مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ هُوَ الَّذِي سَيُحَرِّرُ الْقُدْسَ؟!!

لَنْ يُحَرِّرَ الْقُدْسَ، كَلَامٌ أَيُّ كَلَامٍ؛ وَلَكِنْ لَا بَدُّ أَنْ تُبْعَثَ الْقَضِيَّةُ فِي قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ تَظَلَّ حَيَّةً فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، لَا أَنْ تَمُوتَ هَذَا الْمَوَاتَ الْبَشِعَ الشَّنِيعَ!!

فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَاللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاءَ بِغَيْرِ عَمَدٍ؛ إِنَّ بَاطِنَ الْأَرْضِ لَأَشْرَفُ لَنَا مِنْ ظَهْرِهَا مَعَ هَذَا التَّخَاذُلِ، وَهَذَا الْقُعُودِ، وَهَذَا التَّقَاعُسِ، وَهَذَا الِانْكِبَابِ عَلَى الْمَلَذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ الَّتِي يُتْحِفُكُمْ فِيهَا أَعْدَاؤُكُمْ مِنْ إِخْوَانِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ بِمَا يَسُوءُكُمْ، وَيُذِلُّ أُنُوفَكُمْ!!

كَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ لَكُمْ -وَقَدْ جَلَسُوا بَعِيدًا، وَأَخْرَجُوا لَكُمْ أَلْسِنَتَهُمْ-: مَاذَا أَنْتُمْ فَاعِلُونَ؟!!

وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ لَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا؛ وَلَكِنْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَا يَزَالُ الْخَيْرُ فِيَّ وَفِي أُمَّتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَسَتْبَقَى طَائِفَةٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَنْصُورَةً، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ)).

لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئًا؛ وَلَكِنْ هَذَا الْجِيلُ، وَأَجْيَالٌ سَبَقَتْ، وَرُبَّمَا أَجْيَالٌ تَعَاقَبَتْ بِهَذَا الْخِذْلَانِ، وَهَذَا الْقُعُودِ، وَهَذَا التَّجَاهُلِ، وَهَذَا الْإِهْمَالِ، وَهَذَا الْغَبَاءِ؛ هَذِهِ الْأَجْيَالُ تَخُونُ الْأَمَانَةَ الَّتِي ائْتَمَنَهُمْ عَلَيْهَا رَبُّ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ لَمَّا حَمَّلَهُمْ أَمَانَةَ هَذَا الدِّينِ!!

يَخُونُونَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، يَخُونُونَ الْإِسْلَامَ وَالْقُرْآنَ -إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ-.

لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْكَلَامُ!!

حَتَّى الدُّعَاء؛ يَضِنُّ بِهِ الْمُسْلِمِونُ عَلَى إِخْوَانِهِمْ، يَضِنُّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، عَلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، عَلَى فِلَسْطِينَ!!

مَنِ الَّذِي يَدْعُو رَبَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي الْأَوْقَاتِ الشَّرِيفَةِ وَغَيْرِهَا، فِي أَزْمَانِ الْقَبُولِ وَفِي غَيْرِهَا؟!!

مَنِ الَّذِي يَدْعُو رَبَّهُ بِحُرْقَةِ مَكْلُومٍ، وَبِأَلَمِ مَنْ ثَكِلَ وَلَدُهُ وَفِلْذَةُ كَبِدِهِ؟!!

مَنْ يَدْعُو رَبَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ يُنَجِّيَ إِخْوَانَنَا فِي أَرْضِ فِلَسْطِينَ مِنَ الْمَجَازِرِ الَّتِي يُقَدَّمُونَ فِيهَا، وَيُذْبَحُونَ فِيهَا؟!!

وَالْعَالَمُ كُلُّهُ لَا يُبَالِي بِذَلِكَ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَلَا يُعَوِّلُ عَلَيْهِ؛ وَلَكِنْ إِنِ اعْتُدِيَ عَلَى عِلْجٍ مِنَ الْعُلُوجِ فِي أَيِّ صَقْعٍ مِنْ أَصْقَاعِ الْأَرْضِ؛ خَرَجَتِ الْكِلَابُ النَّابِحَاتُ تَنْبَحُ فِي الطُّرُقَاتِ، وَتَصِفُ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ بِكُلِّ مَا هُوَ وَهُمْ مِنْهُ بَرِيءٌ وَبَرَآءٌ!! وَلَكِنْ هَذَا قَانُونُ الْقُوَّةِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، هُوَ قَانُونُ الْقُوَّةِ!!

وَالْعَالَمُ إِنَّمَا يَحْكُمُهُ قَانُونُ الْقُوَّةِ!!

مَاذَا يَمْلِكُ الْمَرْءُ فِي مِثْلِ هَذَا الضَّعْفِ؟!!

 

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  فمتى نتوب؟!!
  رسالة لكل زوج ضع هذه القاعدة أمام عينيك دائما حتى لا تتعب فى حياتك الزوجية!
  حافظوا على شباب الأمة فهم صمام الأمان
  تعاون الخوارج مع الروافض
  عذرا فلسطين
  أنت مُسلم فلا تَكُن ذَليلًا
  تأمل في أصول عقائد الشيعة التي نخالفهم فيها
  ((3))...(( هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ))
  أمر هام لكل من أراد أن يضحي
  الذين يعبدون الصنم والبقر... يعظمون معابدهم!! ويحكم أيها المسلمون أين تعظيم مساجدكم؟
  إنه إمام أهل السنة يا خوارج العصر
  ألا يخاف هؤلاء الظلمة من دعاء المستضعفين عليهم في أجواف الليالي وفي الأسحار وفي السجود؟
  حقيقة الإيمان
  شيخ الحدادية المصرية يصف علماء الممكلة بأنهم لا يحسنون قراءة القرآن !
  هَلْ يَحِقُّ لَكَ التَّوَاضُعُ أَصْلًا؟!!
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان