اسمع هذه الكلمات قبل أن تموت لعلك تخرج مما أنت فيه
لَن
يَنفَعَكَ أَحَدٌ مِن دُونِ اللهِ، سَتَمُوتُ وَحدَكَ، وَتُقبَرُ وَحدَكَ، وَتُسئَلُ
فِي القَبرِ وَحدَك...
وَتُبعَثُ
وَحدَكَ، وَتُنْشَرُ وَحدَكَ، وَتُعرَضُ عَلَى رَبِّكَ وَحدَكَ، وَتَمُرُّ عَلَى
الصِّراطِ وَحدَكَ...
وَتُحبَسُ
-إِنْ أَذِنَ اللهُ بِدُخُولِكَ الجَنَّةَ- عَلَى القَنطَرِةِ -وَهِيَ طَرَفُ الصِّرَاطِ
مِمَّا يَلِي الجَنَّةَ- وَحدَكَ، وَتَدخُلُ الجَنَّةَ وَحدَكَ، أَوْ تُعَذَّبُ فِي
النَّارِ وَحدَكَ...
لَنْ
يُعَذَّبَ عَنكَ أَحَد, فَاحمِل مَسئولِيَّتَكَ، الحَيَاةُ لَيسَت مَبنِيَّةً عَلَى
التَّهرِيجِ، لَا وَقتَ لِلتَّهرِيجِ وَالعَبَثِ، الحَيَاةُ ثَوانٍ مَعدُودَةٍ، لَابُدَّ
أَنْ نَستَغِلَّهَا.
وَتَأَمَّل
فِي حَالِ إِنسَانٍ تَصِفُهُ أَنْتَ بِالعَقلِ، يَمُرُّ فِي طَرِيقٍ، يَجِدُ دُرَّةً
وَيَجِدُ بَعْرَةً، فَيَلْتَقِطُ البَعْرَة وَيَدَعُ وَيَتْرُكُ الدُّرَّة؛ هَذَا
سَفِيهٌ!!
لَحظَةٌ تَمُرُّ مِنكَ تَأتِي خِزَانَةً فَارِغَةً يَومَ
القِيَامَةِ، فَكَيفَ إِذَا وُجِدَ فِي الخِزَانَةِ مَا يَضُرُّكَ؟!
إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ
اللهِ لَا يُلقِي لهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبعَدَ مِمَّا بَينَ
السَّمَاءِ وَالأَرض, وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ
اللهِ لَا يُلقِي لهَا بَالًا يُضْحِكُ بِهَا جُلَسَاءَهُ، يَكتُبُ اللهُ عَلَيهِ
بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَومِ يَلقَاهُ، وَفِي المُقَابِلِ مَا يُرْضِيِ الله.
الحَيَاةُ صَعبَةٌ, مِحنَةٌ لَيسَ فِيهَا عَبَثٌ وَلَا
هِيَ بمُتَحَمِّلَةٍ لِلَّعِبِ، تَأَمَّل فِي حَالِكَ وَخُذ بِقَولِ نَبِيَّكَ ﷺ وَاحرِص
عَلَى مَا يَنفَعُكَ.
إِنْ كَانَ التَّهرِيجُ يَنفَعُكَ هَرِّج!!
إِنْ
كَانَ العَبَثُ يَنفَعُكَ اعْبَث!!
إِنْ
كَانَ تَضيِيعُ الوَقتِ يَنفَعُكَ ضَيِّع وَقْتَكَ!! مَادَامَ يَنفَعُكَ.
فَأَمَّا
إِذَا كَانَ سَيَمُرُّ وَيَكُونُ عَلَيكَ وَبَالًا وَيُنزِلُ بِكَ ضَرَرًا، يَعنِي
لَنْ يَمُرَّ لَا لَكَ وَلَا عَلَيكَ -لَوْ مَرَّ لَا لَكَ وَلَا عَلَيكَ فَهُوَ أَهْوَنُ-...
كَثِيرٌ
مِنَ النَّاسِ يُضَيِّعُونَ أَعمَارَهُم فِيمَا لَا يُفِيد؛ لِأَنَّهُم لَا يَحتَرِمُونَ
الوَقتَ أَصلًا!!
عَامِرُ
بنُ عَبدِ القَيس كَانَ فِي طَرِيقٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ أُكَلِّمَكَ
كَلِمَةً
قَالَ: وَلَا نِصفَ كَلِمَة
قَالَ: فَتَوَقَّف حَتَّى أُكَلِّمَك
قَالَ: امْسِك الشَّمس
يَعنِي:
أَوْقِف الزَّمَنَ عَن دَوَرَانِهِ وَعَن جَرَيَانِهِ, حَتَّى لَا يَكُونَ مَا أُضَيِّعُهُ
مِنَ الوَقتِ مَعَكَ لَا لِيَ وَلَا عَلَيَّ، وَلَكِن لَا تُضَيِّع عَلَيَّ وَقْتي.
يَقُولُ لَهُ: امْسِك الشَّمس!! ضَيِّع وَقتَكَ أَنتَ كَمَا تُحِبُّ،
هَذَا شَأنُك، وَلَكِن لَا تُضَيِّع أَوقَاتَ غَيرَكَ.
اتَّقِ
الله,,, كُنْ جَادًا مُتَرَفِّعًا، لَا تَكُنْ عَابِثًا وَلَا هَازِلًا وَلَا مَائعًا.
جَاءَ رَجُلٌ -هُوَ عَبدُ اللهِ بنِ بُسْر- إِلَى النَّبِيِّ
ﷺ فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ شَرائعَ
الإِسلَامِ قَد كَثُرَت عَلَيَّ فَدُلَّنِي عَلَى أَمْرٍ أَتَمَسَّكُ بِهِ جَامِع.
فَدَلَّهُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى أَمْرٍ قَد يَبْدُو غَيرَ
ذِي قِيمَةٍ عِندَ كَثِيرٍ مِنَ المُسلِمِينَ، قَالَ: ((لَا يَزَالُ لِسَانُكَ
رَطِبًا بِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ)).
كُلُّ ثَانِيَةٍ اجعَل فِيهَا ذِكرًا، اجْعَل فِيهَا
تَسبِيحًا، سَتَحتَاجُه يَومَ القِيَامَةِ, تَحتَاجُ حَسَنَةً وَاحِدَةً، تَكُونُ
مُرجِّحَةً وَفَاصِلَةً، وَإِلَّا فَيُحبَسُ مَن تَسَاوَت حَسَانَتُهُ وَسَيِّئاتُهُ
عَلَى الأَعرَافِ حتَّى يَفصِلَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ بَينَ الخَلَائقِ, وَيَصِيرَ
أَهلُ الجَنَّةِ لِلجَنَّةِ وَأَهلُ النَّارِ لِلنَّارِ، وَيُدخِلُهُم العَزِيزُ
الغَفَّارُ جَنَّتَهُ بِرَحمَتِهِ وَهُوَ أَرحَمُ الرَّاحِمين.
وَلَكِن
إِذَا لَمْ تَتَسَاوَى الحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئات، وَزَادَت السَّيِّئاتُ عَلَى الحَسَنَاتِ
فَهَذا فِي النَّارِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ شَيئًا فَيَرحَمَهُ.
تَحتَاجُ حَسَنَةً، سَتَمضِي وَرَاءَ أَبِيكَ فِي القِيَامَةِ... أَنتَ....
أَنَا
أَقُولَ لَكَ: أَنْتَ, لَا أَقُولُ سَيَجرِي وَرَاءَ أَبِيهِ غَيرُك، أَنتَ سَتجْرِي
وَرَاءَ أَبِيكَ فِي العَرَصَاتِ... يَا أَبَتِ، أَيُّ ابنٍ كُنتُ لَكَ؟
يَقُولُ: خَيرَ ابنٍ كُنتَ
أُرِيدُ
مِنكَ اليَومَ حَسَنَة
يَقُولُ: لَا؛ أَخَافُ اليَومَ مِمَّا مِنهُ تَخَاف
سَيَجرِي أَبُوكَ وَرَاءَكَ، يَقُولُ لَكَ: أَيُّ أَبٍ
كُنتُ لَكَ؟
تَقُولُ: خَيرَ أَبٍ كُنتَ
فَيَقُولُ: أُرِيدُ مِنكَ اليَومَ حَسَنَة
تَقُولُ: أَبَدًا؛ أَخَافُ اليَومَ مِمَّا مِنهُ تَخَاف
أُمُّكَ... أُختُك... مَسئُولِيَّةٌ فَردِيَّةٌ، احرِص
عَلَى نَفسِكَ، لَا تُضَيِّع وَقتَكَ، لَا تُضَيِّع حَيَاتَكَ، إِنَّمَا أَنتَ أَنفَاسٌ،
كُلَّمَا ذَهَبَ نَفَسٌ ذَهَبَ بَعضُك
كمَا
قَالَ الحَسَنُ البَصرِيُّ: ((يَا ابنَ آدَم، إِنَّمَا
أَنتَ أَنفَاس، فَكُلَّمَا ذَهَبَ نَفَسٌ ذَهَبَ بَعضُكَ)) يَعنِي: تَقتَرِبُ مِنَ
القَبرِ خُطوَة.
كُلّ يَومٍ يَمُرُّ عَلَيكَ يُقَرِّبُكَ مِنَ القَبرِ
خُطوَة... عُمرُكَ مَحدُودٌ، بَدءًا وَمُنتَهَى...
لَنْ
يَزِيدَ وَلَنْ يَنقُصَ، وَلَكِنَّهُ مَحدُودٌ, نِهَايَتُهُ مَعلُومَةٌ للهِ، لَا
لِيَ وَلَا لَكَ وَلَا لِلبَشَرِ وَلَا لِلخَلقِ؛ للهِ
أَينَ
هِيَ؟
لَا
تَعلَم قَد تَكُونَ الآنَ،
بَعدَ لحَظَة... بَعدَ لَحظَتَين...
بَعدَ
سَاعَة... سَاعَتَين...تَمتَدُّ وَأُدرِكُهَا أَيضًا مَهمَا امتَدَّت!!
وَرَأَينَا
مَن جَاوَزَ المِئَة ثُمَّ مَاتَ, فَكَانَ مَاذَا؟
نُسِي؛ لَن تَنفَعُكَ عَشِيرَتُكَ،
سَيَنسَوْنَكَ، سَيَنسَاكَ أَبنَاؤك، لَن يَذكُرُوك!!
سَوفَ
يَتَمَتَّعُونَ بِمَا تَترُك، حَصَّلتَهُ أَنتَ مِن حَرَامٍ، مِن شُبْهَةٍ، مِن غَصبٍ،
مِن رِشوَةٍ، مِن سَبِيلٍ غَيرِ شَرعِيَّة، يَتَمَتَّعُونَ بِهِ وَتَلقَى أَنتَ
العَذَاب... افِق،
لَا وَقتَ لِلضَّيَاعِ.