تفريغ مقطع : كبيرةُ الكذبِ على اللهِ وعلى رسولهِ
((كبيرةُ الكذبِ على اللهِ وعلى رسولهِ))
وقال –جل
وعلا-: {وَلَا تَقُولُوا
لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا
عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ
(116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
[النحل: 116-117].
قال ابن
كثير –رحمهُ الله-: ((نهى تعالى عن سلوكِ سبيلِ المشركين، الذين حلَّلُوا وحَرَّموا
بمجرد ما وضعوه واصطلحوا عليه من الأسماءِ بآرائِهم، ويدخلُ في هذا كل من ابتدع بدعةً
ليس له فيها مستندٌ شرعيٌّ، أو حلَّلَ شيئًا مما حرَّمَ الله، أو حَرَّمَ شيئًا مما
أباحَ الله بمجرد رأيه أوتَشَهيِّه.
ثم توعد على
ذلك فقال : {إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ
عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} أي: في الدنيا وفي الآخرة. أما في الدنيا فمتاع قليل، وأما في الآخرة
فلهم عذاب أليم)).
ويدخلُ
في الكذب على الله تعالى والقول عليه بلا علم:
الكذبُ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لا
ينطقُ عن الهوى، وإنما هو مُبلِّغٌ عن ربِّهِ تعالى، فمن كذبَ على النبي -صلى الله
عليه وسلم- فكأنما كذبَ على اللهِ تعالى، وقد حذَّرَ النبي -صلى الله عليه وسلم-
من الكذبِ عليه، وبيَّنَ أنَّ الكذبَ عليه ليس كالكذبِ على غيرِه؛ لأنَّ الكذبَ
عليه -صلى الله عليه وسلم- يجعل دينًا ما ليس بدين وينفي عن الدين ما هو منه، وكفى
بذلك إثمًا مبينًا وإفكًا عظيمًا.
قال -صلى الله عليه وسلم- فيما
يرويه المغيرةُ بن شعبة -رضي الله عنه-: ((إنَّ
كذبًا عليَّ ليس ككذبٍ على أحد، مَن كذبَ علي مُتعمدًا فليتبوأ مقعدهُ من النار)).
متفق عليه.
ليس ككذبٍ على أحد؛ لأنه كذبٌ في
التشريع وأثرهُ عامٌ على الأمة، فإثمُه أكبر وعقابُه أشد. ((فليتيوأ مقعده)): فليتخذ لنفسِهِ مسكنًا.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تكذبوا عليَّ، فإنه من يكذب عليَّ فليَلِج
النار)). متفق عليه.
وهذا أمر بالولوجِ مُسَبَّبًا عن
الكذبِ على رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-.
وعن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-
قال: ((من تعمد عليَّ كذبًا فليتبوأ مقعدَهُ من
النار)). متفق عليه.
لقد حرم الله تعالى القولَ عليه بلا
علم تحريمًا صريحًا، فقال بعد أن بيَّنَ أنواع المحرمات وبعضها أغلظ من بعض: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا
وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ
مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}
[الأعراف: 33].
قال العلامة ابن القيم –رحمه
الله-: ((القولُ
على اللهِ بلا عِلم هو أشدُّ هذه المُحرَّمات تحريمًا وأعظمُها إثمًا؛ ولهذا ذُكر في
المرتبةِ الرابعةِ من المُحرَّماتِ التي اتفقت عليها الشرائعُ والأديان)).
التعليقات
مقاطع قد تعجبك