تفريغ مقطع : إذا قال لك الملحد أنا لا أؤمن إلا بما أراه أو أسمعه كيف ترد؟

 علَى المرءِ أنْ يَعلمَ أنهُ ليسَ بِشيءٍ, ولَا قِيمَة لهَذا الإنسانِ القَليلِ, الضئيلِ في هَذا الكونِ الكَبير؛ لأنَّ هذهِ الشمس حَجمُها كَحجمِ الأرضِ مِليون مَرة!!
هذهِ الأرض التي لَا تَدرِي مِنهَا شيئًا, أَنت تَتحرَّكُ في بُقعةٍ مَحدودةٍ, فهذهِ الشمس –وَهيَ نَجمٌ متوسطٌ, أو ضَعيفٌ بِالنسبَةِ إلى هذهِ النجوم- بَينكَ وبَينهَا ثمَاني دَقائقَ ضَوئية...
سرعةُ الضوء في ثمَاني دَقائق, هَذا مَا بينَنَا وبينَ الشمس!!
فَهِيَ في الضاحِيةِ! قَريبة! بجوارِنا!! هنَاك!
فَكيف بهذهِ النُّجوم؟ بَينكَ وبَينهَا مِئاتُ السنواتُ الضوئيةُ, بلْ أُلوفٌ مِن السنواتِ الضوئيةِ بَينكَ وبينَ بَعضِ هذهِ النجوم!
أقربُ نَجمٍ لنَا بعدَ الشمس, بَينَهُ وبَيننَا أربعُ سنواتٍ ضوئيةٍ!!
أقربُ نَجمٍ لنَا بعدَ الشمس, بَيننَا وبَينَهُ أربعُ سنواتٍ ضوئيةٍ!!
أيْ: مَسيرَةُ الضوء في أربعِ سنواتٍ!
الضوءُ يَسيرُ بسرعةِ ثلاثِ مِئة أَلف كيلُو مِتر فِي الثَّانيةِ الواحدةِ, فَضاعِف ذلكَ فِي الدقائقِ (60ثانيه-يَعنِي أضرب في 60)...
(60ثانيه × 60 للساعات× 24 × عدد أيام السنة× 4) هَذا مَا بَينكَ وبينَ أقربِ نَجمٍ بعدَ الشمس!!

فَالإنسانُ الضَّئيلُ, الحَقيرُ, القَليلُ, كالذَّرةِ التَّائهةِ فِي الفَضاءِ, ليستَ لهُ قِيمةٌ إلَّا باتصَالهِ بِربِّهِ, أمَّا إذا مَا اتَّصلَ بربِّهِ, بِكتَابِه وسُنَّةِ نَبيِّهِ, وأطاعَ اللهَ ربَّ العَالمينَ وعَرَفَ لهُ قَدرَهُ –سُبحانَهُ وتَعالَى- فَقَدرَ اللهَ حقَّ قَدرِه, وَعبَدَهُ علَى بَصيرَةٍ, وَأقبَل عَليهِ, وأَدبَر عَمَّا سِواهُ وَعنْ مَنْ سِوَاه, فَإنهُ حِيئذٍ يَستَمدُّ القُوةَ مِنهُ, يَستَمِدُّ القوةَ مِن رَبِّهِ –تَبارَك وتَعالَى- الذِي لَا حَدَّ لِقوَّتِهِ, وَلَا حَدَّ لِقُدرَتِهِ, يَحفَظُهُ اللهُ ربُّ العَالَمينَ ويَرعَاهُ.
وَليسَ مِن العَقلِ, أنْ يَقولَ الإنسان إِنَّ كلَّ مَا لَمْ يُدرِكهُ بِحواسِّهِ فَهُوَ غَيرُ مُوجود!!
جَيِّدٌ! فَلنَأتِي بِالمِجهَرِ, وَأتِي بِقطرَةٍ مِن المَاءِ مِن البِركَةِ, إِئتِ بِقطرَةٍ مِن الماءِ مِن أيِّ مَكانٍ, ضَعهَا علَى شَريحةٍ مِن الزجاجِ, واجْعَلهَا تَحتَ المِجهَر, وَكَبِّرْ هذَا الذِي تَراهُ إلَى ألَافٍ مُضاعَفةٍ مِن المَرَّاتِ...
ثُمَّ انظُر, سَتجِدُ حَياةً أُخرى, أَحياء تَتحرَّك, تَروحُ وتَجيء, لهَا غِذاؤهَا, ولهَا مَساراتُها في حَياتِها, وهيَ تَتكاثَرُ وتَتناسَلُ بَطريقَتِها التي جَعلَها اللهُ لهَا, وَقد تُسبِّبُ الأضْرارَ والأَمراضَ بِقدَرِ اللهِ -تَبارَك وتَعالَى-, وقد تَكونُ نَافعةً لِلإنسانِ, إلَى غيرِ ذلكَ مِن هذهِ الحياة, التي هيَ خَارجُ نِطاقِ الحِسِّ, فَأنتَ لَا تَراهَا, ولَا يُمكِن أنْ تَراهَا إلَّا بِالتكبِيرِ إلَى أُلوفِ المَراتِ.
بَعضُ الفَيروسَات الكَبيرة, تُرَى إذَا مَا كُبِّرَت إلَى رُبعِ مِليون مَرَّة!!
فَلَا تَراهَا إلَّا إذَا كُبِّرَ حَجمُهَا إلَى رُبعِ مِليون مَرَّة!!
تَصوَّر –مَثلًا- أَنكَ تُكبَّر إلَى رُبعِ مِليون مَرَّة! سَتكونُ كَبيرًا, ومَع ذَلك فَهذَا الفَيرسَ إذَا مَا كُبِّرَ إلَى رُبعِ مِليون مرَّة في المُضاعَفَة, فهَذا كَافٍ لِأنْ تَراهُ بِالعينِ المُجرَّدَةِ.
وَهذَا خَلَقَهُ اللهُ, وَأعطَاهُ حَياتَهُ بَدءًا وَمُنتَهَى, وَكتبَ لهُ مَسارَهُ فِيهَا, وَجعَل لهُ غِذاءَهُ, وَإِخراجَهُ, وَتَكاثُرهُ ........إِلَى غَيرِ ذلكَ مِن هذهِ الأُمورِ التي هيَ لِكُلِّ حَيٍّ.
فَكمْ فِي الكَونِ مِن فَيرَس؟!
وَكذَلكَ تِلكَ المَخلوقات الدَّقِيقة, فَكلُّ هذَا لَا تَراهُ العَين, فَكيفَ يُنكَر؟!
يَعنِي: إذَا قَالَ: لَا أُؤمِنُ إلَّا بمَا دَخلَ تَحتَ نِطاقِ الحِسّ, بمَا أَراهُ بِعَينِي.
فَنَقولُ لهُ: أنتَ لَا تَرَى هذهِ الكَائنات, وسَنُثبِتُ لكَ وجُودَها, فإذَا مَا صدَّقت بهَا بعدَ أنْ رَأيتَها, فَكذلِك هنَاك مِن المَخلوقاتِ مَا لَا تراهُ, مَا لَا تَستطِيعُ رُؤيَتهُ بالعَينِ المُجرَّدةِ.
بَل إنَّهم يُثبِتونَ بِعِلمِهم المَادِي؛ أنَّ الأُذُنَ تَسمعُ الصوتَ بِتردُّدٍ لهُ بَدءٌ ومُنتَهَى!!
فمَا كانَ دونَ ذَلكَ فلَا تَسمعهُ, ومَا كانَ فَوقَهُ فلَا تَسمَعهُ.
فَأنتَ قَدْ يَكونُ هنَالِكَ مَن يَتكلَّمُ, وأنتَ لَا تَسمَعهُ!! فَهنَالِك أصواتٌ كَثيرةٌ في الكَونِ.
هَذا الأَثِير مَملوءٌ بِلُغاتٍ لَا يُحصِيهَا إلَّا الله.
العَالَمُ يَتكلَّمُ... المَخلُوقاتُ التي خَلقَها اللهُ ربُّ العَالمِين تَتكلَّمُ, مِن الجنِّ ومِن المَلائكَةِ, وهَذا كُلُّهُ في الأثِيرِ, ولَكن مَن يَسمَعهُ؟!
جَعَل اللهُ لِلأُذُنِ الإِنسانِيةِ مدًى مَعلومًا بَدءًا ومُنتَهَى, فِي تَردُّدِ الأصواتِ المَسموعَةِ. 
فَإذَا زَاد تَردُّدُ الصوتِ عَن ذلِك المَدى لَا يُسمَع, وإذَا قَلَّ عنْ ذَلكَ المَدى لَا يُسمَع, وأمَّا مَا كانَ في ذَلكَ المَدى بَدءًا وانْتِهاءً؛ فإِنَّهُ يُسمَعُ.
إذَنْ هُنالِك مَا لَا تَسمَعهُ مِن الأصواتِ بِالعِلمِ الحَديثِ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  كبيرةُ الكذبِ على اللهِ وعلى رسولهِ
  يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور
  لا يُقال المدينة المنورة
  فَلَقَد قَالَت لِي رُوحِي...
  التفارب بين السنة والشيعة!!
  يَتَعَصبونَ للهوى
  دفع البهتان حول عبارة (يُدَوِّخُ الله رب العالمين المشركين)
  إِلَى أَهْلِ الْجَزَائِرِ الْحَبِيبَة
  رسالة أب لابنه الصغير!
  في الأمة مٙن لا يعرف اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم
  لمَاذا أنت غَضُوب لا يقِفُ أمامَ غضَبِكَ أحد؟
  لا تتكلم فيما لا يعنيك
  أمر هام لكل من أراد أن يضحي
  إذا سألك النصراني عن حادثة الإفك فضع هذا الجواب
  رسالة قوية إلى أئمة المساجد
  • شارك

نبذة عن الموقع

موقع تفريغات العلامة رسلان ، موقع يحتوي على العشرات من الخطب والمحاضرات والمقاطع المفرغة لفضيلة الشيخ العلامة أبي عبدالله محمد بن سعيد رسلان-حفظه الله- . كما يعلن القائمون على صفحة وموقع تفريغات العلامة رسلان -حفظه الله- أن التفريغات للخطب ليست هي الشكل النهائي عند الطباعة، ولكن نحن نفرغ خطب الشيخ حفظه الله ونجتهد في نشرها ليستفيد منها طلاب العلم والدعاة على منهاج النبوة في كل أنحاء الدنيا، ونؤكد على أنَّ الخطب غير مُخرَّجة بشكل كامل كما يحدث في خطب الشيخ العلامة رسلان المطبوعة وليست الكتب المنشورة على الصفحة والموقع هي النسخة النهائية لكتب الشيخ التي تُطبع...وهذه الكتب ما هي إلا تفريغ لخطب الشيخ، غير أنَّ كتب الشيخ التي تُطبع تُراجع من الشيخ -حفظه الله- وتُخرج. والتفريغ عملٌ بشريٌ، ونحن نجتهد في مراجعة التفريغات مراجعة جيدة، فإذا وقع خطأ أو شكل الخطب كما نخرجها -إنما نُحاسب نحن عليها والخطأ يُنسب لنا وليس للشيخ -حفظه الله-.

الحقوق محفوظة لكل مسلم موقع تفريغات العلامة رسلان