تفريغ مقطع : إذا سُرِقَ من بيتهِ مالًا؛ اتهمَ الشيطانََ
((إذا سُرِقَ من بيتهِ
مالًا؛ اتهمَ الشيطانََ))
((تغطيةُ الإناءِ بعد
الشُّرب وعند النَّوم)).
خذ هذا الأمرَ من أوامرِ نبيِّك –صلى
الله عليه وسلم-، وتأملَّ فيه مَليًّا واخشع عنده، وهو: ((تغطيةُ
الإناءِ بعد الشُّرب وعند النَّوم)).
عن جابر –رضي
الله عنه- عن رسول الله –صلى
الله عليه وسلم- قال: ((غَطُّوا الإِنَاءَ وَأَوْكُوا
السِّقَاءَ –أي:
شُدُّوا رَأسَ الوِعاءِ بالوِكَاءِ وهو الرِّبَاطُ الذي يُرْبطُ بِه- غَطُّوا الإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ
وَأَغْلِقُوا الْبَابَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَحُلُّ سِقَاءً وَلاَ يَفْتَحُ بَابًا
وَلاَ يَكْشِفُ إِنَاءً، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْرُضَ عَلَى
إِنَائِهِ عُودًا وَيَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ فَلْيَفْعَلْ فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ –يَعْنِي
الفَأرَة- تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ)).
أخرجهُ البخاريُّ ومُسلم.
غَطُّوا الإِنَاءَ؛ فإنه لا يبقى إناءٌ مكشوفٌ في
بيتِ مسلمٍ ولا يَحِلُّ له أنْ يبقى ولو أَنْ يَعْرُضَ عليهِ عُودًا، كما قال رسول
الله: ((ولو أَنْ يَعْرُضَ –أي:
أن يستعرضَ على فمِ الإناء من فوقهِ عُودًا- ولو
أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إِنَائِهِ عُودًا وَيَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ –فإن
لم يجد إلا ذلك فليفعل-))؛ لماذا؟
قال: لأن بلاءً
ينزلُ في كلِّ عامٍ مرَّة في ليلةٍ من الليالي؛ لا يَدَعُ إناءً مكشوفًا إلا نزلَ
فيه.
فلماذا تُعَرِّضُ نفسَك لاستجلابِ البلاء؟
فالجاهلُ الأحمق هو الذي يجعلُ إنائهُ مصيدةً للبلاءِ
النازل.
لماذا لا تُغَطِّهِ كما أمرَ الرسول؟!
قال: ((غَطُّوا الإِنَاءَ
وَأَوْكُوا السِّقَاءَ))؛ لأنه رُبما وقع فيه ما يذهب به جُملةً، فإنك
بعد ذلك تستقذرهُ، أو وقع قيه ما يضرُّك.
((وَأَوْكُوا السِّقَاءَ وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ)):
لأن النارَ عدوٌّ لكم كما قال النبيُّ –صلى
الله عليه وسلم-، وقد أخبرَ أنَّ الفويسقة –أنَّ
الفأرة- تأتي لكي تَجُرَّ السِّراجَ بالليل لتُحرِقَ على أهلِ الدارِ بيتَهم أو
دارَهم؛ لتُحرقَها عليهم، تأتي الفويسقة، وسَمَّى الفأرةَ فويسقة؛ لأنها خارجةٌ
على المعهود؛ لأنَّ الفِسقَ هو الخروجُ مُطلقًا، الفسقُ في اللغة: هو مطلقُ الخروج
ومنه سُمِّي الفاسق فاسقًا، ومنه فَسَقَت الرُّطَبَة أي: خرجت من قِشرِها، فكلُّ
مَن خرجَ من شيءٍ وكلُّ ما خرجَ منه فهو فاسق، فإذا تعلَّقَ بالشريعة كان خروجًا
على أوامرِ اللهِ ونواهيِه، وأما إذا لم يكن له بالشريعةِ تَعَلُّق؛ فتقول:
فَسَقَت الرُّطَبة أي: خرجت من قِشرِها ولا تعلُّقَ لذلك بالشريعة.
فالفأرة: فويسقة وهي تُقتلُ في الحِلِّ والحَرَم، حتى
ولو وراءَ أستارِ الكعبة، كما بيَّنَ الرسولُ –صلى
الله عليه وسلم-، فإنها كما يقول النبي: ((تُضْرِمُ
عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ نَارًا))، تَجُرُّ السِّراجَ بالليل
مِن أجلِ أنْ: ((تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ
نَارًا)).
النبيُّ –صلى
الله عليه وسلم- دلَّنَا هنا على أمرٍ عظيم يقطعُ حِيلَ المُتحيلين وشُبَهَ أصحابِ
الشُّبهات؛ لأنَّ بعضَ الناسِ يقول: ظهرَ في بيتِهم جنيٌّ وهو عِفريتٌ نِفريت؛
يسرقُ الأموال، يقول: بلغَ به الحال إلى أنْ جعلَ المال في خِزانةٍ مُوصَدَة، لا
يستطيعُ أعتى السَّرَقةِ أنْ يصلَ إلى فكِّ رموزِها وفتحِها، يقول: ومع ذلك؛ لا
أجدُ المالَ الذي أضعهُ فيها، فلا يفعلُ ذلك إلا عِفريتٌ نِفريت، فيأتي إليه كلامُ
الرسول: ((فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَحُلُّ سِقَاءً
–يعني إذا أتيتَ برِباطٍ
فأوكيتَ به سِقاءَك الشيطانُ لا يَحُلُّه؛ لا يَنْقُذُ إليه-، قال: فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَحُلُّ سِقَاءً وَلاَ يَفْتَحُ بَابًا
–يعني:
إذا أغلقتَ دُرْجَ مكتبِك؛ فإنه لا يستطيعُ فتحَه، كما قال الرسول، قال –صلى
الله عليه وسلم: وَلاَ يَفْتَحُ بَابًا.
وإذا غَطيتَ
إنائَك لا يكشفهُ الشيطانُ ولا يستطيع، قال: وَلاَ
يَكْشِفُ إِنَاءً)).
فلماذا لا تفعلُ هذا؟!
وإذا جاءكَ مَن يقول: إنه وجدَ المالَ يَنْقُص، وإنه
يتهمُ شيطانًا قد أوى إلى بيتهِ.
فقل له:
إنَّ الشيطانَ الذي يأخذُ المالَ؛ هو قد أوى عندك مِن قديم، فابحث عنه؛ لأنَّ
الشيطانَ الذي تتهمهُ بريء!! هو لا يستطيعُ أنْ يفتحَ بابًا ولا أنْ يَكشفَ إناءً
ولا أنْ يَحُلَّ سِقاءً، فابحث عمن يستطيع، هذا إنما يَستطيعهُ شيطانُ الإنس لا
شيطانُ الجِن.
وعن أبي هُريرةَ –رضي
الله عنه- يرفعهُ: ((أمَرَنَا رسولُ اللهِ –صلى الله
عليه وسلم- بِتَغْطِيَةِ الإنَاءِ وَإِيكَاءِ السِّقَاءِ وَإِكْفَاءِ الإِنَاءِ)).
أخرجهُ أحمد وابن ماجه والدارميُّ وابن خُزيمة.
وفي روايةٍ من حديثِ جابرٍ –رضي
اللهُ عنه- عن النبي –صلى
الله عليه وسلم-: ((غَطُّوا الْإِنَاءَ وَأَوْكُوا
السِّقَاءَ، فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ
لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إِلَّا نَزَلَ فِيهِ
مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ)).
فلنقرأ الحديث بالطريقةِ المُرسلة؛ حتى لا يُظَنَّ
أنَّ به سَجْعًا: ((غَطُّوا الْإِنَاءَ وَأَوْكُوا
السِّقَاءَ، فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ
لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إِلَّا نَزَلَ فِيهِ
مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ)).
فلماذا تَظْلِمُ نفسَك؟
اتق اللهَ ربَّك.
الحديثُ أخرجه مسلمٌ في ((صحيحه)).
التعليقات
مقاطع قد تعجبك